الحب
الحبُّ إنْ زارَ...
يدلفُ سهمُهُ في النبضِ...
فيرتجفُ رجفةَ اللقاءِ الأوّلِ..
ومن ثمّ يتلعثمُ..
وتتداخلُ الحروفُ..
فتبدأُ لغةَ العيونِ ..
حوارَ قلبين...
ترسلُ رسائلَ العشقِ...
هو معجزةٌ إلهيةٌ..
عجزَ عن تفسيرِها ...
العلمُ والطبُّ وقواميسُ اللغاتِ...
هي إرتعاشةُ قلبٍ بين الحنايا...
بنبضةٍ لم يعهدْها من قبلُ...
فتأتي الرجفةُ..
ومن ثمّ اللهفةُ..
ومن ثمّ الإشتياقُ المجنونُ بجموحِه..
يكسرُ كلّ قيدٍ ..
ليصلَهُ...
ليعانقَهُ ..
ويخالجُهُ الروحُ...
ليستضيفَه في القلبِ..
فيتربعَ على عرشهِ ملكاً ..
فيسلمَهُ كلّ مفاتيحِ الروحِ...
ليتحكمَّ بها أنّـا يشاءُ...
وهناكَ تأتي مراتبُ الحبّ المتعددةُ...
والتي عّبر عن وصفِها شعراءُ الأدبِ العربيَ الرفيعِ...
وها هيَ المراتبُ تبدأُ...
العشقِ
هو فرطُ الحبّ..
وقال فيه
أبو الطيّب المتنبي
وَما العِشقُ إِلّا غِرَّةٌ وَطَماعَةٌ يُعَرِّضُ قَلبٌ نَفسَهُ فَيُصابُ
......
والهوى
هو ميل النفس والتهاوي في غرامه
أبدع إبن زيدون حين خطّ أرقى بيتٍ للحب
غيظَ العدا من تساقينا الهوى فدعوا بأن نغصّ فقال الدهرُ آمينا
......
والعلاقه
فهي تعلّـقُ قلبين وإمتزاجهما في سماوات الحب و
قال ابن القيسراني
ما خانكم جَلَدي إِلاّ وفى لكُمُ قلبٌ متى سُمْتُه تركَ الغرام أَبى
عَلاقَةٌ غلبتْ صبري فلا عَجبٌ إِنّ الصّبابة خصمٌ طالما غلبا
......
والكلف هو الولع بمن أحببت
قال الخبزأرزي:
لقد مَضَّني شوقٌ إليك مبرِّحٌ وصرتُ حليفَ الحزنِ والوجد والأسَف
وتعرفُ ما أخفيتُ منك لأنَّني هوايَ دَخيلٌ والفؤادُ به كَلِف
......
والشغف
هو أنْ يبلغَ الحبّ شغافَ القلب
وهو غشاء رقيق يحيط بالقلب
قال الحلاج
أنتَ بين الشغاف والقلب تجري مثل جريِ الدموعِ من أجفاني
......
الشعفُ
فهو الذي أحرقَ القلبَ وتعلقَ به
قال مهيار الديلمي:
وودّكم منها مكا نُ كبدي أو ألطفُ
فلا برا وجدي بكم ولا أفاق الشعَفُ
لست وإن أعرضتُمُ أيأسُ أن تَعَطَّفُوا
وصبر يعقُوبَ معي حتى يُردَّ يوسفُ
......
والجوى
هوإشتدادُ وجدهِ من العشقِ أو الحزن
قال الهبل:
ويعْذلني خالي الفؤادِ من الجوى ولكنّ في أُذنيِّ وقراً عَن العذلِ
......
المتيم
أن يستعبدَه الهوى فيتعبدُ العاشق عشيقه
قال ابن فركون:
وبي ظبْيُ إنْسٍ تيّمَ القلْبَ لوْعَةً إذا رُمْتُهُ يحْكي الكواكِبَ مَنْعةً
ويَحْسِبُ تَشبيهي بذلكَ بدْعَةً فيُزْري بنورِ البَدْرِ حُسْناً ورِفْعَةً
......
والتبل
هو سقمُ العاشق ومرضه
قال فيها كعب بن زهير:
ضَنِيتُ فَلَو أَنّي عَلى رَأسِ شَعرَةٍ حُمِلتُ وَمالَتْ لا يَنُوءُ بِها الحَملُ
كَأَنَّ اللَيالي طالَبَتني لِقُربِكُم بِتَبلٍ فَلَمّا بِنتُمُ ذَهَبَ التَبلُ
......
والتدليهُ
هو بأنْ يذهبَ الحبُّ عقله
حيث قال ابو الطيّب المتنبي
أَسَفي عَلى أَسَفي الَّذي دَلَّهتِني عَن عِلمِهِ فَبِهِ عَلَيَّ خَفاءُ
وَشَكِيَّتي فَقدُ السَقامِ لِأَنَّهُ قَد كانَ لَمّا كانَ لي أَعضاءُ
......
الهيام
أن يذهبَه الهوى على وجهه
لغلبة الهوى عليه
قال ابن سينا:
قال فيها بعضُ من هامَ بها مثلَ ما قال النصارى في المسيح
هي والكاس وما مازجها كأبٍ متّحدٍ وابنِ روح
......
الصبابة
هي الرقة في الإشتياق
وأبدع الحصري القيرواني حين قال
ُيا ليلُ الصبُّ متى غده أقيام الساعة موعده
رقدَ السمّار وأرقهُ أسفٌ للبين يرددّه
......
والمقه
وهو الأمقه الذي يهيم على وجهه لا يدري أين يتوجه
قال ابو الطيّب المتنبي:
هَذا عِتابُكَ إِلّا أَنَّهُ مِقَةٌ قَد ضُمِّنَ الدُرَّ إِلّا أَنَّهُ كَلِمُ
......
والوجد
هو الحبُّ الذي يتبعه الحزن
قال ابن الحنّاط:
تُديرُ علينا الرَّاحَ فيها جآذرٌ ويسكرُنا باللّحظ منهَّن غزلانُ
ولم أرَ مثلي كيف صار بقلبهِ من الوجدِ بركانٌ وفي الجفنِ طوفانُ
.......
والدنف
وهو المرضُ الذي إستعملهُ العربُ في التعبير عن الحبّ اللازم
قال الحلاّج:
وَلَيسَ يَعلَمُ ما لاقَيتُ مِن أَحَدٍ إِلّا الَّذي حَلَّ مِنّي في سُوَيدائي
ذاكَ العَليمُ بِما لاقَيتُ مِن دَنَفٍ وَفي مَشيئَتِهِ مَوتي وَإِحيائي
......
الشجو
هو القهرُ والغلبةُ أيّ بأن يشوقهُ ويهيج حزنه
قال البحتري:
إِذا أَرسَلَت طَيفاً يُذَكِّرُني الجَوى رَدَدتُ إِلَيها بِالنَجاحِ رَسولَها
أَجِدَّ الغَواني ما تَزالُ مُجِدَّةً تَباريحَ شَجوٍ ما بَرَدتُ غَليلَها
......
والشوق
هو سفر القلب إلى المحبوب
قال ابو الطيّب المتنبي:
وَهَبتُ السُلُوَّ لِمَن لامَني وَبِتُّ مِنَ الشَوقِ في شاغِلِ
كَأَنَّ الجُفونَ عَلى مُقلَتي ثِيابٌ شُقِقنَ عَلى ثاكِلِ
......
البلبال
هو الهوى ووسواسُ الصدر
قال ابن الوردي:
ليهنكِ بلبالي عليكِ ورقتي إليكِ كما قلبي لديكِ على البعدِ
......
والغمرة
ما يغمرُ القلبُ من حبّ أو سكر
قال ابن الدمينة:
خَلِيلىَّ زُورا بِي أُمَيمَةَ فاجلُوَا بِها بَصَرِي أو غَمرةً مِن فُؤَادِيا
فَقَد طالَ هِجرَانِي أُمَيمَةَ أَبتَغِي رِضَى النَّاسِ لا أَلقَى مِنَ النّاسِ راضِيَا
......
الشجن
فهو الحزنُ الشديد
فقال احمد شوقي
وَقامَت عَلى العودِ أَوتارُهُ تُعيدُ الحَنينَ وَتُبدي الشَجَنْ
وَطارَحَكَ النايُ شَجوَ النُواحِ وَكُنتَ تَئِنُّ إِذا النايُ أَنْ
......
الوصب
فهو ألمُ الحب ومرضه
قال بهاء الدين زهير
أَيا مَن جاءَني مِنهُ كِتابٌ يَشتَكي الوَصَبا
بَعيدٌ عَنكَ ماتَشكو وَبِالواشينَ وَالرُقُبا
......
والكمد
هو الحزن المكتوم
فقال الشريف الرضي فيه
أَنا مِنكَ في كَمَدٍ عَلى كَمَدٍ يَومي عَلَيَّ أَمَرُّ مِن أَمسي
......
والأرق
هو إمتناع النوم
قال فيه أبو الطيّب المتنبي
أَرَقٌ عَلى أَرَقٍ وَمِثلِيَ يَأرَقُ وَجَوىً يَزيدُ وَعَبرَةٌ تَتَرَقرَقُ
......
والحنين
هو الشوق المتداخل بالضلوع
قال صفيّ الدين الحلّي:
أنتَ تَدري ما كانَ بَعدَكَ حالي فَتُرى كَيفَ كانَ حالُكَ بَعدي
هَل تُقاسي الحَنينَ مِثلي وَهَل تَح مِلُ شَوقي وَهَل تَكابِدُ وَجدي
......
والجنون
هو ذهابُ العقلِ والهذيانُ بحروفِ اسم الحبيب وملامحه
قال الأعمى التطيلي:
فإن تذهبِ الشّعْرى العبورُ لشانها فإن الغُميصا في بَقِيّةِ شان
وجُن سهيلٌ بالثريَّا جنونَهُ ولكنْ سلاهُ كيفَ يلتقيان
......
الود
فهو خالص الحب وألطفه وأرقه
قال ابو الطيّب المتنبي:
وإن بليتُ بودٍ مثل ودّكم فإنني بفراقٍ مثله قمنُ
وقمن أي القدر على فراقه
.......
الخلة
والتخلل هو الصديق المختص وهي توحيد المحبه
قال يزيد بن الطثريّة :
فَيا خِلَّةَ النَفسِ الَّتي لَيسَ فَوقَها لَنا مِن أَخِلّاءِ الصَفاءِ خَليلُ
وَيا مَن كَتَمنا حُبَّهُ لَم يُطَع بِهِ عَدوٌّ وَلَم يُؤمَن عَلَيهِ دَخيلُ
......
الغرام
وهو التعلق بالشيء تعلّقا لا يستطاع التخلص منه
قال بلبل الغرام:
رقّ لي من لواعجٍ وغرامِ أنا منها ميت وأنت المسيحُ
قد كتمت الهوى بجهدي وإن دام علي الغرام سوف أبوحُ
......
والوله
وهو ذهاب العقل والتحير من شدة الشوق
قال ابو الطيّب المتنبي
بِنتُم عَنِ العَينِ القَريحَةِ فيكُمُ وَسَكَنتُمُ ظَنَّ الفُؤادِ الوالِهِ
فَدَنَوتُمُ وَدُنُوُّكُم مِن عِندِهِ وَسَمَحتُمُ وَسَماحُكُم مِن مالِهِ
......
والرسيس
هو الشئ الثابت الذي لزم مكانه
قال ابو الطيّب المتنبي:
هَذي بَرَزتِ لَنا فَهُجتِ رَسيسا ثُمَّ اِنثَنَيتِ وَما شَفَيتِ نَسيسا
وَجَعَلتِ حَظّي مِنكِ حَظّي في الكَرى وَتَرَكتِني لِلفَرقَدَينِ جَليسا
......
والجزع
هو أن قطّعه العشق وأودى به
قال جميل بثينة
إِذا ما دَنَت زِدتُ اِشتِياقاً وَإِن نَأَت جَزِعتُ لِنَأيِ الدارِ مِنها وَلِلبُعدِ
......
السهد
هو شدّة السهر وتواتر المحبوب على القلب
فأثرى المتنبي بأشعاره قائلا:
يا ساقياً أخمر في كؤوسكما أم في كؤوسكما هم وتسهيدُ
أصخرة أنا مالي لا تغيرني هذي المدام ولا هذي الأغاريدُ
......
الغل
فهي أن يتخللَ الحبّ في العروق ويجري فيها مجرى الدم في العروق
قال التنوخي:
يَا مُعْطِشي مِن عذب مَورْده بَرّدْ غَلِيل جَوَانِحِي العطشَى
أتُرى الَّذي أرجُو أفُوز بِهِ منكم فقَدْ كَان الَّذي أخشَى
......
واللهف
هو الحزنُ والتحسر
قال ابو الطيّب المتنبي
أُرَدِّدُ وَيلي لَو قَضى الوَيلُ حاجَةً وَأُكثِرُ لَهفي لَو شَفى غُلَّةً لَهفُ
......
والتباله
هو بأن يسقمَهُ الحب والعشق
قال عمر بن ابي ربيعة:
فَلَمّا اِقتَصَرنا دونَهُنَّ حَديثَنا وَهُنَّ طَبيباتٍ بِحاجَةِ ذي التَبلِ
عَرَفنَ الَّذي تَهوى فَقُلنَ لَها اِئذَني نَطُف ساعَةٌ في طيبِ لَيلٍ وَفي سَهلِ
......
واللوعه
هي لوعة الحب وحرقته
قال ابو فراس الحمداني
أَراكَ عَصِيَّ الدَمعِ شيمَتُكَ الصَبرُ أَما لِلهَوى نَهيٌ عَلَيكَ وَلا أَمرُ
بَلى أَنا مُشتاقٌ وَعِندِيَ لَوعَةٌ وَلَكِنَّ مِثلي لايُذاعُ لَهُ سِرُّ
......
والداء المخامر
هو الذي يخامر القلب والروح
قال كثيّر عزّة:
هَنيئًا مَرِيئًا غَيرَ داءٍ مُخامِرٍ لِعَزَّةَ مِن أَعراضِنا ما اِستَحَلَّتِ
......
السدم
أما فهو الحب الذي يتبعه الندم والحزن
قال ابن سمحان:
فتاة تحاكي البدر ليلة تمّهْ يهيمُ بها السدمُ الغريمُ المتيم
......
وحين أتاني سؤالٌ من أحدِ قرائي
عن مفهوم الحبّ عند جنان؟؟
رددتُ بهذه المقالة التي أختمُ فيها بالإجابة
أما روحُ جنان فهي حائرةٌ بين مراتبِ الحب
تتنهدُ بكلماتها أنا صبٌّ ضعيف ...
تتصارعُ به الأشواقُ...
فتهدّه وتدمّره...
أنا من خلقَ ليمجّد العشق ...
لتصلني وتفكّ الصراع...
وتوجّت نفسها بين مراتبِ العشقِ الأوّل
فها هي هائمة
ذائبة
ترتجي وصله
وعناقه
صادحةً له
بالحبّ الأبدي
إني لك ومن أجلكَ
سأهيمُ بكَ لآخرِ رمقٍ في النفس
إني لكَ يا حبيبي